آراء ومقالاتأجوبة الشبهاتدين

أخطر ما يهدّد الشعيرة!!

في زمنٍ باتت فيه المنابر تُنقل إلى العالَم بصورةٍ مباشرة، تزداد خطورة كلِّ مفردةٍ تُقال على المنبر، وقد وجّه الأخ جمال أبو علي سؤالًا مهمًا عن مخاطر الغلوّ في الخطابة والقصيدة، وقد أحسن تشخيص الموضوع الذي يتطلب وقفةً صريحةً وصادقةً.

لكن قبل أنْ نناقش آثار هذا الغلو وتداعياته، لا بد أنْ نبدأ من الجذور:
ما هو الغلو؟ وهل واجه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الغلاة؟ وما كان موقفهم منهم؟

نستضيء في ذلك بكلام أحد أعلام الطائفة، آية الله السيد محمد رضا الكلبايكاني – رحمه الله – قال: (الغلو الموجب للكفر أنْ يُثبت للأئمة عليهم السلام الصفات المختصة بالله تعالى مثل أنْ يدّعي أنهم خالقون أو هم الرَّازقون للخلق، أو هم المُميتون للخلق، أو هم المحيون لهم، وهذا إذا ادَّعى أنَّهم مستقلون بهذه الأمور، وأنَّ الله تعالى قد فرغ من جميع ذلك) [كتاب الطهارة ج1ص311]

كلماتٌ واضحةٌ لا لبس فيها؛ وعلينا تدبّرها والتأمل في مفادها.
وهنا تقع مسؤوليَّةٌ شرعيَّةٌ وأخلاقيَّةٌ كبيرةٌ على من يعتلون المنابر، من رواديد وخطباء، وشعراء ينثرون الكلمات في مدح الأئمة (ع) ورثائهم.
إذ ينبغي عليهم أنْ ينتقوا الكلمات والمعاني التي يطرحونها، وأنْ يتجنَّبوا الخلط بين الكرامات وبين الغلو، كما عليهم أنْ يحرصوا على الألفاظ التي لا توهم أو تلمّح للغلو.

فليس كلُّ ما يُقال يُؤخذ بحُسن نية، لا سيما في زمنٍ أصبحت فيه الكلمة تُسجَّل وتُقتطع وتُبَثُّ دون سياق، فتصل إلى الساذج فتضلّه، وإلى المتربّص فتكون مادةً للتشنيع والافتراء.

كما ينبغي – من جهةٍ أخرى – عدم الخلط بين مقامات أهل البيت الحقَّة التي رتّبهم الله تعالى فيها، فنُنكرها ونكون من المقصّرة، وبين القول فيهم بما لم يقولوه في أنفسهم فنكون من الغلاة، والحدُّ الفاصل بين الأمرين لمعرفة مقاماتهم أحاديثهم الشريفة التي رواها وحققها علماؤهم الأعلام.

وينبغي أن يُعلم أنّ أهل البيت (ع) واجهوا الغلاة وأنكروا عليهم وكان موقفهم تجاههم موقفاً شديداً.

ونختم باستفتاءٍ وجّهه أحد المؤمنين إلى المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دام ظله)، فكان هذا هو الجواب القاطع:

بسم الله الرحمن الرحيم
سيّدنا المفدّى المرجع الأعلى سماحة آية الله العظمى السيّد السيستاني(مدّ ظلّه).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل القول بأنّ الإمام عليَّاً (ع) أو الإمام الحسين(ع) هما خالقا الأكوان أو جاعلا السماوات، أو أنّهما هما يُحييان الخلق ويميتاهم، من الغلوِّ المنهي عنه في الروايات الشريفة الثابتة؟
ودمتم ذخرًا للإسلام والمسلمين.

الإجابة
باسمه تعالى
نعم، هو من الغلوّ الذي تبرّأ منه أئمّة أهل البيت(ع)، وليس منه إسناد الخلق أو الإحياء إليهم في بعض الموارد الخاصّة بإذن الله تعالى؛ نظير ما ورد في القرآن الكريم بالنسبة إلى بعض الأنبياء(على نبيّنا وآله وعليهم السلام).
٨ صفر ١٤٤٥هـ .
مكتب السيّد السيستانيّ في النجف الأشرف/ أجوبة المسائل الشرعية.

#مجموعة_إكسير_الحكمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى