نظرًا لأهمية تبيين الأُسس الاعتقادية للمذهب الحقّ الإمامي، وضرورة صيانة أصوله الراسخة وجذوره النورانية، أصدر مكتب المرجع الديني الكبير السيد موسى الشبيري الزنجاني (دام ظله) البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «شيعةُ عليٍّ همُ الفائزونَ يومَ القيامة».
إنّ العقائد التي يقوم عليها مذهب الإمامية ترتكز على أسس راسخة وجذور متينة من البراهين العقلية، ومحكمات كتاب الله العزيز ، ومسلّمات الدين الإسلامي الحنيف، والأحاديث المتواترة، والروايات المحفوفة بالقرائن القطعية والمؤيدة بالحقائق التاريخية الثابتة.
وفي طليعة هذه الأصول، الاعتقاد بإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام)، ووصایته المباشرة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم إمامة ذريته الطاهرة، الذين يُعدّون بحقّ عماد الإيمان وأساس الدين القويم.
وقد نصّت الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في خطبتها المباركة في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) – بعد وفاته- أنّ التمسك بأهل البيت (عليهم السلام) هو ضمان لنظام الأمّة، وأن الإمامة جوهر الوحدة وأمان من التشتت والفُرقة.
وعلى مدى العصور، نهض أعلام العلماء والباحثين العظام، من الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي، مرورًا بالعلامة الحلي والخواجة الطوسي، ووصولًا إلى السيد مير حامد حسين الهندي (رضوان الله عليهم)، ببيان هذه الأصول الاعتقادية، عبر تصنيف مؤلفات رصينة وقيّمة، مستندين فيها إلى الدلیل والبرهان وكتبوا المؤلفات الجليلة، وأقاموا الحجة بالدليل والبرهان، مما مهّد سبيل الهداية أمام طالبي الحقيقة، و تمّ به الحجّه علی البریّة وهذه الآثار الخالدة، تمثل بحدّ ذاتها شاهداً ناطقاً على صدق مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
وانطلاقًا من هذا، فإنّ على العلماء والمفكرين وأرباب القلم، أن ينهضوا بواجبهم في تبيين ونشر والدفاع عن المعارف الحقّة لأهل البيت (عليهم السلام)، مستندين إلى المصادر الوثيقة ، ومظهرين حقيقة شجرة الولاية الطيبة في مختلف الأبعاد؛ إذ الإسلام الحقیقي، بدون الاعتقاد بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، ليس سوى قالب خالٍ من المضمون، وفاقد للحقيقة.
وقد أكّد علماء المذهب، تأسّيًا بأئمة الهدى (عليهم السلام) ووصاياهم، على اجتناب الفتن والنزاعات، إلّا أنّ اجتناب الفتنة لا يعني التساهل في صيانة العقائد الحقّة، فإضعافها خطأ فادح، وخسارة لا تُعوَّض.
ومما يبعث على الأسف الشديد، أنّه في بلدٍ يفتخر بالانتماء إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، ويرفع راية ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، تُنشر أحيانًا مضامين موهنة تتنافى مع أُسس العقيدة، ويقع تحريفٌ أو كتمانٌ لحقيقة من حقائق الدين، مما يُدخل الحزن والأسى على قلب إمام العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ويُحزن قلوب عموم الشيعة الموالين.
فاللازم على القائمين على وسائل الإعلام أن يُصلحوا المنهج القائم على السطحية والتهاون في عرض العقائد المسلَّمة للطائفة الشيعية الاثني عشرية، وأن يستعينوا برأي أهل الاختصاص والمعرفة، فيتحمّلوا مسؤوليتهم إزاء الكيان الاعتقادي للشيعة، فيعالجوا ما بدر من تقصيرٍ وخَلل، بخططٍ علميةٍ رصينة، وبرمجة دقيقة، ورؤية واعية رشيقة.
ومن الواضح أنّ باب الحوار العلمي، المستند إلى أدلة الكتاب والسنة، لایزال مفتوحاً، وكبار العلماء، كآية الله العظمى السيد البروجردي (رحمه الله)، كانوا من أبرز دعاته، وقد أعلنت الحوزات العلمية الشيعية -ولا تزال- استعدادها الدائم للحوار العلمي الهادف إلى بيان معارف الإسلام.
نسأل الله تعالى أن يوفّق الجميع لصيانة الدين الإلهي، ونشر المعارف النقية لأهل البيت (عليهم السلام)، وأن يرزقنا الثبات على ولايتهم، ويجعلنا من أتباعهم الصادقين.
والسلام على من اتّبع الهدى.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد شُبيري الزنجاني (دام ظلّه)
الأول من ذي القعدة الحرام ١٤٤٦ هـ