أول من زار الإمام الحسين (ع) بعد استشهاده هو جابر بن عبد الله الأنصاري، ومعه عطية العوفي، وكان ذلك يوم الأربعين سنة 61 هـ.
اللقاء
وفي نفس اليوم الذي زار فيه جابرٌ الإمامَ الحسين (ع) وصلت العائلة ومعها الإمام زين العابدين (ع) قادمين من الشام، والتقى بهم جابر.
الإمام زين العابدين (ع) يروي المصيبة
استقبل جابر عائلة الإمام الحسين (ع) حافي القدمين، مكشوف الرأس، حتى دنا من الإمام زين العابدين، فقال له الإمام: أنْتَ جابر؟ قال: نعم يا ابن رسول الله، فقال الإمام (ع): “يا جابر هاهُنا واللهِ قُتـ .لت رجالُنا، وذُ. ـبِحت أطفالُنا وسُبيَت نساؤنا، وحُرقَت خِيامُنا”.
[لواعج الأشجان 242]
في عهد المتوكل العباسي
كانت الشيعة تزور الإمام الحسين (ع) متحمّلةً أنواع الأذى، صابرةً على المحن والبلوى، وكانت أعظم المحن أيام المتوكّل العباسي الذي هدم قبر الإمام الحسين (ع) سنة 236هـ
حتى قال الشاعر :
بالله إن كانت أميةُ قد أتت * قتـ. ـل ابن بنت نبيها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمري قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتـ ـله فتتبعوه رميما
[ سير أعلام النبلاء للذهبي ج12 ص35]
محاولات محو القبر الشريف
وأجرى المتوكل العباسي الماء على القبر الشريف لكي يمحو معالمه، ومع هذا كانت الناس تزوره خُفيةً، ولم تنقطع عن زيارته، حتى أنّ أعرابياً من بني أسد قال باكياً:
أرادوا ليُخفوا قبره عن وليِّهِ *** وطيبُ ترابِ القبرِ دلَّ على القبرِ
[تاريخ دمشق ج14 ص245]
أحداث صفر في حقبة البعث
واستمر حال التضييق على زوَّار الإمام الحسين (ع) مدَّاً وجزراً حتى بلغ أوجه أيام الحكم البعثيّ الطائفي الذي منع زيارة الإمام الحسين (ع) مشياً، ففي صفر 1379هـ الموافق لسنة 1979م قامت انتفاضة ضدَّ نظام البعث الذي منع الزيارة، وانتهت الانتفاضة في يومي 17 و18 صفر (6 و7 شباط/ فبراير) عند نقطتي خان النخيلة وكربلاء، والتي تم خلالها اعتقال أكثر من 30.000 زائر، وزجّهم في سجون النجف والكوفة والحلة وكربلاء ومديرية الأمن العام في بغداد.
عالمية الأربعين
وبعد سقوط النظام صارت الزيارة ذات طابعٍ عالمي – أبلى العراقيون في خدمة زوارها بلاءً حسناً حتى صاروا موضع فخر يتحدث عنه القرب والبعيد – وقد بلغ عدد الزائرين في عام 1445هـ 22.019.146 مليون زائر، وفق إحصائيات العتبة العباسية المقدسة.
وشارك في الزيارة مؤمنون من أغلب دول العالم (من دول الخليج وإيران ولبنان والهند وباكستان) وغيرها من الدول.
قالت السيدة زينب للإمام علي بن الحسين (ع) : “ينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه، على كرور الليالي والأيام، وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علوا”.
[ بحار الأنوار ج45 ص180]
دعاء الإمام الصادق للزائرين :
ولم يأبه الزائرون بالتهديدات الإرها* بية ولا لاستهزاء المنافقين، فنالوا وسام دعاء الإمام الصادق (ع) : “اللهم إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله (عليه السلام) … “ [الكافي ج4 ص583]
الأربعين علامة المؤمن
وقد بلغت زيارة الأربعين من الأهمية حتى ورد أنَّها من علامات المؤمن الخمس، كما ورد عن الإمام العسكري (ع) أنه قال: “علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم”.
تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ج6 ص 52