إنّ استهداف عواطف الناس من قبل الخطيب ليس عيباً فيه، بل هو جزء من مهمته في العزاء الحسيني، حيث حثّ أهل البيت (ع) على البكاء والإبكاء، شريطة أن لا يكون ذلك من خلال القصص التي لا أصل لها.
وبالنسبة للاعتماد على الروايات الضعيفة التي تسرد الأحداث (وفق ما فهمناه من تعليقكم)، فهناك كلامٌ علمي للمرجع الراحل السيد محمد سعيد الحكيم (قدس) بيّن فيه هذا الموضوع بكل دقة، حيث سُئل (قدس):
هل يجوز أن يستشهد المبلّغ أو الخطيب برواية لم تثبت صحة سندها؟ نرجو بيان الضابطة في ذلك.
فأجاب :
لا يفترض في التاريخ أن يعتمد على اليقينيات، ولا على الحجج الشرعية، وإلا لم يبق تاريخ، بل أحسن ما يتوقع أن يعتمد على الوثوق والاطمئنان، وحينئذ فالأحاديث التي لم تشتمل على شرائط الحجية المصححة للفتوى في الأحكام الشرعية، قد توجب الاطمئنان بلحاظ بعض القرائن
منها : تعدد تلك الأخبار ودعم بعضها لبعض .
ومنها : ذكرها في كتب أهل التثبت والتمحيص ممن يحترمون أنفسهم وكتبهم .
ومنها : اشتمالها على صياغة بيانية أو مضامين عالية يصعب افتعالها من قبل الكذابين .
ومنها : مناسبتها للواقع القائم في ظرفها .
ومنها : ذكرها في كتب المخالفين إذا كانت مخالفة لخطهم، إذ ليس من شأنهم أن يذكروا ما يخالف خطهم لولا وضوحه عندهم وفرضه عليهم بحقيقته .
إلى غير ذلك من القرائن التي يدركها الباحث المنصف . أما مع عدم احتفافها بالقرائن، فهي لا تنهض دليلا، بل تكون مؤيِّداً لا غير، فيصح أن يستشهد بها لتأكيد حقيقة ثابتة أو تحفيز العواطف نحوها، من دون أن تنهض بإثبات أمر مشكوك فيه.
م/ رسالة أبوية ومسائل تهم طلبة الحوزة والمبلّغين ص 49
وأما الاعتماد على رواية ضعيفة السند “بمفردها” لإثبات حكم شرعي أو عقيدة، فهذا غير ممكن، ولإثبات الأحكام والعقائد بالروايات شروط ذكرها العلماء في محالّها.
#مجموعة_إكسير_الحكمة