مقولة كثيراً ما يردّدها المغرضون من أجل إبعاد المؤمنين عن شعائرهم وطقوسهم الحسينية، ويردّدها السذّج من الناس لأن الأمور مختلطة عليهم، فهم لا يميّزون بين الحق والباطل في كثير من الأحيان.
أمّا «الحسين لا يحتاج إلى لطم» فهذه كلمة حقّ يراد بها باطل.
فنـقول:
إن الله تعالى لم يأمر عباده بعبادته من أجل حاجته للعبادة، فهو لا تضرّه معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه، وهكذا الأنبياء والأوصياء لا ينتفعون بعبادة الناس وطاعتهم، ولا يتضررون بمعصية الناس.
نعم، النفع والمصلحة من العبادة تعود للناس أنفسهم، كأفراد وكمجتمع، وربّما يعود النفع ـ في بعض الحالات ـ إلى الدين نفسه، فتكون العبادة سبباً في زيادة قوّة الدين، كما ذكرت الصديقة الزهراء (ع) في خطبتها أن الله تعالى فرض الحجّ وجعله تشييداً للدين.
ولم يدّعِ أحد أن الله تعالى وأنبياءه وأوصياءه يحتاجون إلى عبادة العابدين.
لكنهم ـ مع ذلك ـ يأمرون وينهون ويشدّدون على العاصي ويقيمون عليه الحدّ ويتوعّدونه، ويحبّون المطيع ويشيدون بذكره ويشجّعونه.
فالإمام الحسين (عليه السلام) فعلاً لا يحتاج إلى اللطم، لكنه أيضاً لا يحتاج إلى صلاتنا ولا إلى صيامنا ولا إلى إحساننا إلى الناس ولا إلى إطعام الفقراء، بل لا يحتاج إلى كلّ خير نفعله،
لكن هل يعني هذا أننا نترك العبادة وفعل الخير لأن الله ورسوله والأئمة لا يحتاجونه؟ وهل أن عباداتنا مرتبطة بحاجتهم إليها، فإذا احتاجوا فعلنا وإذا انتفت حاجتهم لم تعُد هناك فائدة في العبادة؟.
إن أحد أسباب ممارسة الطقوس الحسينية هو تخليد مصيبة سيد الشهداء (ع) لئلا يعفو عليها الدهر فلا تصل إلى الأجيال المتعاقبة، بل تبقى حيّة في الضمائر، الأمر الذي قضّ مضاجع الظالمين وأسهرهم على مدى قرون متواصلة، بل قضّ مضاجع أولئك الذين يريدون إبعاد المؤمنين عن أئمتهم وسادتهم، بعد أن رأوا أن ارتباطهم بساداتهم له الدور الكبير في التزامهم العقائدي والديني، فتعدّدت أساليبهم في محاولات إبعادهم عن الممارسات الدينية وخصاصاً الحسينية منها، فنجح القليل من تلك المحاولات.
فالخلاصة: الحسين (ع) لا يحتاج إلى لطم ولا إلى بكاء ولا إلى غير ذلك، لكن هذه الأمور وغيرها نحتاجها نحن كأفراد ويحتاجها المجتمع أيضاً، بل يحتاجها الدين في كثير من الأحيان، لما تنتجه تلك الممارسات من قوّة للدين، ولما تشكّله من هيبة في نظر الأعداء.
– سماحة السيد أسعد القاضي