الحوزة العلمية :
كيان علمي مستقل يعمل على تأهيل المنتسب إليه لعملية الإفتاء واستنباط الأحكام من مداركها المقررة شرعاً، وقيادة الأمة في عصر الغيبة، وكذلك إعداد المبلغين الذين يتحمّلون مهمة ترويج الدين.
الجذور والتأسيس الأول :
لكيان الحوزة العلمية جذور في زمن النبي (ص) والأئمة (ع)، حيث تبلورت الدراسة للعلوم الدينية بشكل ملفت في عصر الإمامين الباقرين (ع) في المدينة المنورة والكوفة، في اواخر العصر الأموي وبداية العصر العباسي.
الشرعية :
لا داعي للحديث عن مشروعية تأسيس المدارس الدينية والحوزات العلمية، بعد أن أمر الله تعالى بأن ينفر طائفةٌ من المؤمنين ويتخصصوا بالعلوم الدينية ليعلّموها المؤمنين الآخرين، قال تعالى (وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ). وبعد أن مارس ذلك الأئمة (ع) بأنفسهم وحثوا عليه أصحابهم.
وقد كان الإفتاء من قبل علماء الشيعة قائماً منذ عصر حضور الأئمة، وبدعوةٍ منهم (ع).
فما عن الإمام الباقر (ع) أنه قال لأبان : اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك. وسائل الشيعة ج ١٩.
وقد استمر بذلك علماء الطائفة إلى ما بعد الغيبة – ومن أبرز علماء ذلك الزمان الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي – وإلى يومنا هذا.
وفي عام ٤٤٨ هـ انتقل الشيخ الطوسي من بغداد إلى النجف الأشرف بعد هجوم السلاجقة على بغداد، ليكون من أبرز المساهمين في تأسيس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وقد خرّج أكثر من ٣٠٠ عالِماً.
وبسبب الظروف المناخية الصعبة في النجف الأشرف انتقلت الحوزة العلمية تارة إلى الحلة وأخرى إلى كربلاء المقدسة لتستقر في النهاية في النجف الأشرف وذلك في عهد السيد محمد مهدي بحر العلوم عام ١١٩٦ هـ
استمرت النجف الأشرف كحوزة رئيسية منذ عهد السيد محمد مهدي بحر العلوم وحتى الآن، مع وجود حوزات محترمة وذات تأثير كبير منتشرة في عدة مدن يقطنها الشيعة.
الحوزة والمنعطفات الكبيرة :
في عام ١٩١٤ وبعد مهاجمة الانگليز البلاد العربية والإسلامية ووصولهم إلى العراق قاد السيد الحبوبي (قده) جموع المجاهدين لمواجهتهم، كما حثّ السيد اليزدي (قده) العشائر العراقية على أداء دورها الجهادي في سبيل درء الغزو .
في عام ١٩٢٠ قادت الحوزة العلمية بزعامة الشيخ محمد تقي الشيرازي ( قده ) ثورة العشرين التي كان قوامها بعلماء الحوزة وأبناء العشائر الأصيلة، وقد ساهمت الثورة المباركة في استقلال العراق عام ١٩٣٢.
وفي عام ٢٠١٤ للميلاد أطلق المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظله) فتواه العظيمة بالدفاع الكفائي التي دفع الله تعالى بها شرّ المعتدين عن البلاد والعباد بعد أن استبسل أبناؤه المقاتلون في دفاعهم عن أرضهم ومقدساتهم وقدموا لآلاف الشهداء والجرحى.
#مجموعة_إكسير_الحكمة