آراء ومقالات

العُقدُ الثلاث .. لشيعة العراق.

الكاتب #Ailia_Emame

سقط الطاغية صدام .. وتنفس (شيعة العراق) حريتهم للمرة الثانية منذ وجودهم على وجه الأرض.

المرة الأولى كانت لخمس سنوات فقط .. في حكومة الإمامين أمير المؤمنين وولده الحسن المجتبى عليهما السلام.

ومنذ ذلك الحين لا تتغير السلطة إلا بمؤثر خارجي .. ولا تكاد تقوم دويلة أو إمارة بفعل الداخل العراقي .. إلا وتكون محدودة الوقت والجغرافيا.

فمن الدولة الأموية .. إلى العباسية .. إلى المغول .. إلى الجلائريين .. إلى الخروف الأبيض والخروف الأسود (الذين تناطحا كثيراً على العراق) إلى الدولة الصفوية ثم العثمانية (الذين تناطحا بشكل أشد على العراق) ثم إلى الاحتلال البريطاني .. فالملكية .. فالجمهورية .. فالبعثيين ..

كل هذه القرون .. كان (شيعة العراق) غائبين عن السلطة .. رغم حضورهم المفصلي في أهم أحداث البلد.

سقط صدام .. وتبين مع سقوطه أن شيعة العراق على قسمين:

١) قسم يثق بنفسه وبتاريخه .. يعتز بانتمائه .. ويؤمن أن لا إنسان أفضل من إنسان إلا بجهده وعمله .. ولا أحد متفوق على الآخرين بالقضاء والقدر .. وكل شيء يأتي بالتعب المتواصل.

ولو نظرت للمشاريع التي تستحق الذكر والافتخار في العراق .. ستجد هؤلاء يقفون خلفها..

٢) قسم مهزوز الثقة بالنفس .. يخاف أن يتخطفه الناس .. يحسب كل صيحة عليه .. وهؤلاء قد ورثوا ثلاث عقد نفسية بعد سقوط صدام:

الأولى: عقدة (أن حكمنا كشيعة لن يبقى طويلاً) .. بل هي فرصة ستزول مهما حاولنا الحفاظ عليها .. وبقطع النظر عن أدائنا فهي سحابة صيف راحلة لا محالة!!

وهذا الشعور يمكن فهمه .. فمن ينال شيئاً بعد مئات السنين من فقدانه.. لا يكاد يصدق .. ولا يكاد يثق بتحولات الأقدار.

ولقد رأيت .. وسترى .. كيف تتحكم هذه العقدة بأشخاص في قلب السلطة .. فيتنازلون عن الحقوق ويوقعون على بياض .. فقط لإطالة مدة بقائهم.

ولكن كيف لهم البقاء والتاريخ يقول .. أن الملك لا يعرف من يتنازل لكي يبقى .. بل يعرف من يقاتل لكي يبقى.

الثانية: عقدة (نحن الشيعة لسنا أهلاً للحكم) وهذه المقولة البائسة انتشرت بشكل كبير بعد سقوط الطاغية .. وساعد على انتشارها وجود أبواق إعلامية كثيرة من مصلحتها هدم ثقة الشيعة بأنفسهم .. وكأن الشيعة ما يزالون يعيشون في عصر النيادرتال.

الثالثة: عقدة (عدم القدرة على التعامل مع المكونات الاخرى من موقع السلطة).

بعد أن جلسنا على كرسي الحكم وغادرنا المعارضة .. ازداد خوفنا !!

فنحن دوماً خائفون من الأخر .. خائفون أن نتحرك فيقال طائفيون .. خائفون أن نقرر فيقال شموليون …

ومن هنا .. حصل ما حصل وضاعت حقوقنا المشروعة .. على يد فئة خائفة .. مضيعة للهوية.

فئة .. خائفة أن تغير المناهج الدراسية .. على ما فيها من تزييف للحقائق وتضييع لتراثنا .. لكي لا يقال طائفيون !!

فئة .. ترك لها الأئمة عليهم السلام .. أروع أحكام الأحوال الشخصية وأكثرها دقة .. وهي خائفة من تطبيقها لكي لا يقال شموليون !!

فئة .. جاهلة بتكتيك الخصوم .. كلما هربت من احترام احكام الشريعة وتساهلت في تطبيقها .. ازداد الضغط عليها بأنها تريد دولة دينية !!

فئة .. غرقت بالخجل والتبريرات السخيفة .. بدل أن تحتفل وتشمخ .. بأخذ حقها في عطلة الغدير .. أهم أيامها وأقدسها.

فئة .. تعتبر ضياع الهوية ليس مشكلة تُذكر .. في مصاف الكهرباء والخدمات !!

فئة .. يُهان حزنها على حسينها بالغناء .. ويستهزؤون بعاشورائها بالكوميديا .. فتميل إلى الدفاع عن الضاحكين في مأتمها .. وتبرر لهم فعلتهم !!

هذه الفئة من (شيعة العراق) لم يبق شيء يربطها بهذا العنوان إلا كونها تعيش مع (شيعة العراق).

فلا تسأل لماذا صوتها الأعلى ومقدرات البلد بيدها .. فالجواب هو (التجارة بكل شيء).

فئة ميتة المشاعر .. ضائعة الأهداف .. لا تفرق بين الطائفية والاعتزاز بالهوية .. لا تفرق بين التخاذل واحتواء الأخر .. عديمة الغيرة على دينها بقدر غيرتها على أموالها ومنافعها الشخصية.

وهؤلاء قد غسلنا أيدينا من (فزعتهم) وإن كانوا شيعة رغماً عنا.

خائفون من بعبع الطائفية ؟ أصحيح أنكم تجهلون حدودها ومتى تكون خطراً على البلاد ؟ .. أم تستخدمون ذلك عذراً لتضييع هويتنا ؟

أليس في قناتنا الرسمية أذان شيعي وسني ؟ أليس في أوقافنا وقف شيعي وسني ؟ أليس لدينا مرجعيات تعلن العيد في أيام مختلفة ؟ هل أثار ذلك حرباً طائفية ؟

أليس إجبار الأكثرية على الرضوخ لأحكام تخالف مذهبهم .. هو دفع باتجاه الطائفية ؟

مرتابون من ضياع حقوق المرأة في القانون الجديد ؟ قانون شريعة المصطفى ؟ أتظنون من شرع قانون السماء يضيع حقوق المرأة ؟

ماذا عن حقوق جيل كامل ينشأ ويكبر في أسر مفككة ومتنازعة بسبب مشاكل الطلاق والحضانة ؟

أتريدون الحق ؟
والحق كل الحق ؟

أنتم يا كبار السن والعجزة في أحزاب السلطة ومن والاها ( بل ومن خالفها من أنصاف المثقفين).. الذين تقفون متفرجين على بعض النواب الشباب وهم يقاتلون دون ناصر منكم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى