السيدة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) شخصيَّةٌ إلهيَّةٌ معصومةٌ، حجةٌ من حجج الله تعالى على الناس، ومقامها أرفع من أنْ يتمَّ التعامل معه كما نتعامل مع الشخصيات المشهورة، فحياتها ليست مادةً للاجتزاء والانتقاء، ولا مجال لتحريف أفعالها لتوافق رغباتنا أو ميولنا.
وإذا أردنا الاقتداء بها، فالاقتداء يكون بها كما هي تريد؛ لا كما نحن نريد!
ومن صور الخلل في الفهم أنْ تربط البعض نشاطها الذي لا ينسجم مع ذوق الشريعة بالاقتداء بالزهراء، محتجّةً بأنّ السيدة ظهرت وعارضت السلطة في زمنها، بينما الفرق واضحٌ بين موقفها التاريخي المحدّد، وهو احتجاج معصومة على مغتصبٍ للإمامة ومضيّعٍ لحقها وحق رسول الله(ص)، وبين بعض النشاطات الإعلامية وغيرها الملازمة لظهور المرأة بوجهها اللافت أو ملابسها التي قد تكون فاتنة، وكلامها مع الرجال ومفاكهتهم.
والكلام ليس في الحليّة والحرمة فقط، وإنما عن حسن الاقتداء (وهو يتعدّى الالتزام بعدم فعل الحرام)، بل يستلزم أن تبتعد المقتدية عن كل ما يجعلها عرضة لعيون الرجال وألسنتهم قدر الإمكان!!
ثم ما نراه من تغنّج وميوعة من بعض تلك الناشطات وهي تستعرض بالعباءة على مواقع التواصل بزعم أنَّها إرث الزهراء، والحقيقة أنَّ هذا الأسلوب لا يمتّ لزهدها واحتجابها بصلة؛ فهي التي احتجبت حتى عن الأعمى، فكيف ترضى لمن تريد الاقتداء بها أن تكون عرضةً لنظرات الرجال وألسنتهم وتعليقاتهم؟! هذه ليست عباءة الزهراء، بل عباءةٌ أخرى تُستغلّ للتجمّل والظهور، بتأثيرٍ مباشرٍ من عالم المشاهير.
فيا أختاه إن كنتِ لا تعلمين فقد علمتِ الآن!
ومن المؤلم أيضًا أن نجد مَن توصَف “بالناشطة الإسلامية” وهي ترفض بعض الأحكام الشرعيَّة، وتجد في نفسها ثقلاً من كلام العلماء الربانيين، وتتبنّى أفكاراً هدّامة عن الأسرة والزواج والأمومة؛ لأنَّها لا تنسجم مع هوى العصر، ثم تزعم أنَّها تقتدي بالزهراء (ع)!!
الاقتداء الحقيقيّ لا يُبنى على الانتقاء، ولا على مزاجية الفكر السائد.
إنَّ معرفة السيدة فاطمة كما هي شرطٌ للاقتداء الصحيح بها، فإذا عرفناها حقّ المعرفة، عرفنا كيف نسير على خطاها كما أراد الله، لا كما تمليه الأهواء.
#مجموعة_إكسير_الحكمة



