آراء ومقالات

الوزير المتخلف !

في تصريح غريب يرى وزير الثقافة العراقي أنّ السماح ببيع الكحول من شأنه القضاء على انتشار المخدرات! وهنا أريد بيان ثلاثة أمور:

الأمر الأوّل: إذا راجعنا الاحصائيات الرسمية للدول التي تدعم انتاج وتسويق الكحول كأمريكا مثلاً نجد أنّ ذلك لم يساهم أبداً في تجنب تناول المخدرات حيث تشير إحصائيات المركز الوطني الأمريكي الخاص بالمخدرات إلى أنّ أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة الذين أعمارهم أكثر من 12 سنة قد تعاطوا المخدرات (أي 50% من المواطنين بينما النسبة في العراق لا تتجاوز 3%) كما يؤكد المركز الوطني  الأمريكي أنّ هناك أكثر من 70 ألف حالة وفاة سنويا في أمريكا بسبب المخدرات وتزداد النسبة بمعدل 4% سنوياً. (تجد مصادر هذا التقرير والتقارير الأخرى في آخر المنشور).

وهذا خير دليل على أنّ السماح بانتشار الكحول لا يمثل عاملاً مهما في تجنب المخدرات كما يدعي الوزير.

الأمر الثاني: إنّ أضرار الكحول وفقاً للتقارير الرسمية العالمية لا تقلّ عن أضرار المخدرات، فمثلا إذا رجعنا إلى إحصائيات المركز الأمريكي سابق الذكر نجده قد سجل أكثر من 95 ألف حالة وفاة في أمريكا سنوياً بسبب الكحول.

وتشير منظمة الصحة العالمية في أوروبا في تقرير لها إلى أنّ الكحول أحد أهمّ أسباب الوفاة المبكرة كما أنه يسبب بشكل مباشر أو يساعد على الاصابة بأكثر من 200 نوع من الأمراض بعضها قاتل كالسرطان وتليّف الكبد وأمراض القلب، والتشوهات الجنينية وغيرها، كما يؤكد التقرير على أنّ الكحول يتسبب في وفاة مليون شخص سنويا في أوروبا فقط! وأنه السبب عن وفاةٍ واحدة من بين كل أربع وفيات من الشباب الذين أعمارهم 20 إلى 24 سنة.

وفي دراسة مفصلة في 10 صفحات أصدرتها المفوضية الأوربية عن أضرار الكحول أكدوا في الصفحة الأولى على أنّه صار عامل الخطر الأوّل على مستوى العالم في فقدان سنوات الحياة الصحيّة في سنة 2016 بعد أن كان يحتل المرتبة السابعة سابقا، وذكروا قائمة مفصلة عن  أضراره الخطيرة.

أكتفي بهذه التقارير الرسمية الثلاثة، ويمكن لمن يتابع الموضوع أن يجد العشرات من تقارير المنظمات الصحية العالمية – ولا سيما منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي – كلها تحذر من مخاطر الكحول.

والعجيب أنّ بعض هذه التقارير يشتكي من عدم التزام الناس بالتعليمات التي يصدرونها ولا أدري كيف يريدون منهم الالتزام بها بعد أن دعمت حكوماتهم ومؤسساتهم إنتاجه وتوفيره حتّى أدمن الناس عليه.

الأمر الثالث: إذا كانت مخاطر كل من المخدرات والكحول تبلغ هذا الحد الذي تشير له الدراسات فهل الصحيح أن نعالج انتشار المخدرات بالسماح بنشر الكحول؟ أم الصحيح  أن نحث الحكومة على حظر كليهما وزيادة جهودها في ضبط الحدود ومنع التهريب؟

وأخيراً هل من اللائق أن يكون شخص بهذا المستوى من التخلف وزيراً للثقافة؟

بقلم الشيخ ليث الكربلائي

مصادر الدراسات المذكورة في المنشور:

1-المركز الوطني الأمريكي

https://drugabusestatistics.org/

2-تقرير منظمة الصحة العالمية في أوروبا

https://www.who.int/europe/health-topics/alcohol/partnering-with-the-eu-to-reduce-harms-from-alcohol?utm_source=chatgpt.com#tab=tab_1

3- الدراسة التي قدّمتها المفوضية الأوروبية (ملفPDF).

https://health.ec.europa.eu/publications/alcohol-and-health-fundaments-common-approach_en?utm_source=chatgpt.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى