آراء ومقالات

بحث خارج في الفيسبوك !!

(مقال .. هل يصحّ جعل منابرنا وشعائرنا سياسية؟)

أنصح إخواني الأعزاء الذين يدوّنون في هذا الموقع وغيره، بالابتعاد عن البتّ بالقضايا الشرعية وإقامة ما يسمونه بالاستدلال على ما يعتقدونه من مسائل شرعية – في شأن الشعائر وغيرها -، لكي لا يحرجوا أنفسهم في الدنيا ولا يتحّملون ما لا شأن لهم به، لأنني وجدت الكثير من تلك الاستدلالات والقرائن التي يقيمها بعض الأحبة على تلك النتائج – خصوصاً في الشعائر الحسينية – هزيلة جداً ولا علاقة لها بالاستدلال والحجة، بل إنّ بعضها أقرب إلى أقيسة أبي حنيفة، والشعارات التي لا تثبت حقاً ولا تدفع باطلاً.

لقد ناقشت بعض الأعزة في كيفية إقامة الشعائر عندما شرط في المجلس الحسيني المقبول أن تُرفع فيه بعض الشعارات السياسية، فطلبتُ منه الدليل الشرعي ثابتَ الحجية، فما سمعتُ منه غير الشعارات، وبعد إلحاحي على الحجة الشرعية، سكت جزاه الله خيراً وكفّ عن الكلام لعدم وجود دليل على مدّعاه.

والأولى به وبنا جميعاً الرجوع إلى فتاوى فقهائنا وسيرتهم في كيفية إقامة الشعائر والمجالس وعدم التعدّي عن تلك الطريقة التي لم تخرج عن ذكر الإمام الحسين (ع) وندبه والبكاء عليه والتفجّع له وأخذ العبرة من نهضته العظيمة، أما إدخال الآراء السياسية المتغيرة طولاً والمتغايرة عرضاً والتي قد تسبب صداماً بين المؤمنين وتشرذماً فلا محلّ لها، خصوصاً وأنّ بعض الأعزة يرى الفكرة السياسية هذا العام ويرى نقيضها في العام القابل، فهل تتغير شرعية الشعائر وفقاً لتغير الآراء السياسية الشخصية؟! إنّ هذا هو التصويب الممنوع عندنا نحن الأمامية!

وعلى أية حال، فإنّ كلّ عاقل حريص إذا نظر إلى هذا الشأن نظرةً واقعية متجردة عن الميول والعواطف سيدرك أن لا مصلحة للمؤمنين ولا للشعائر في إدخال السياسية في الشعائر الحسينية، وهذا لا علاقة له بمقولة (فصل الدين عن السياسة)، إذ لا يقال بفصل الدين عن السياسة بل بإبعاد الشعائر عن السياسة، أما في خطبة الجمعة – مثلاً – فلا بأس بالحديث السياسي مع أنها عبادة، وذلك للفرق الفارق بين الشأنَين، ولذلك أكّد الكثير من الأعلام لفظاً أو سيرةً على تجنيب الشعائر الحسينية قضايا السياسية وما شاكلها مما هو غير الغرض الأساس لعقد تلك المجالس والشعائر.

ثم لو أراد الإنسان أن يتعمّق أكثر من الفتاوى وسيرة العلماء فليذهب ليقرأ النصوص الواردة عنهم (عليهم السلام) في كيفية إقامة العزاء، ويطّلع على سيرتهم (عليهم السلام) في ذلك، ويفترض بنا أننا نحذو حذوهم ونأخذ بقولهم.

ثم إنه لا داعي لتخوين المؤمنين الذين يدعون إلى إبعاد الشعائر عن السياسة والمطالبة بالتبليط والمجاري وما شاكل، فإنني رأيتُ أحدهم قد وصف هذه الدعوة بأنها ماسو نية صهيو نية، لأنّه لا أحد يستفيد من إبعاد الشعائر عن السياسة إلا الماسو نية، والحق أنه اتهام عظيم لا يقول به من يخشى الله تعالى، وقد يقال بعكس التهمة، وأنه لا أحد يستفيد من إدخال السياسية في الشعائر إلا الصهيو نية لأنها مدعاة للاختلاف بين المؤمنين، وعلى هذا لا تنتهي الاتهامات، وإذا كنا قد اختلفنا إلى هذا الحد في فكرة إدخال السياسية في الشعائر من عدمها، فكيف سيكون اختلافنا فيما لو أُدخلت وتفعّلت وصار كل جماعة يتحدثون بما يريدونه سياسياً مع تقاطع الأفكار واختلاف الميول؟!

لذلك الحل الأوحد هو الرجوع إلى نصوص أهل البيت (عليهم السلام) وفتاوى الفقهاء وسيرتهم في إقامة الشعائر، والسلام.

عظم الله أجورنا وأجوركم ورزقنا جميعاً خدمة الإمام الحسين (ع) في الدنيا وشفاعته في الآخرة.

-أبو تراب مولاي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى