فكر وثقافة

صراع المرجعيَّات بين الحقيقة والافتراء!

يُعد عنوان صراع المرجعيَّات المتصدّر في الكثير من المنصَّات فخَّاً مُوهِماً لابُدَّ من التأمّل فيه؛ لأنَّه يدعم ظاهرة المتمرجع بشكلٍ كبيرٍ، ويجعل لها حيّزاً في الواقع، والحقيقة أنَّ هناك من يدّعي الاجتهاد والمرجعية بغير حُجَّةٍ شرعيَّةٍ انقلاباً على الضوابط والآليات التي ضمن الموازين الشرعيَّة.

وهناك وقفةٌ حوزويَّةٌ أمام هذا الزَّعم المكذوب فينتج الصراع بين الاستحقاق وعدمه، وبعبارةٍ أخرى بين الأصيل الحقيقيّ، واللَّصيق المنتحل!

وهذا لا يُصيّرهُ صراعا بين المرجعيَّات كما هو المدَّعى الموهوم، بل هو فضحٌ للمزيفين، وكشفٌ للحقائق، والإبانة عن سرقة مؤهّلاتٍ لا تتناسب مع واقع المدّعي، وعلى إساس ذلك فإنه لا يستحق أنْ تؤخذ منه الأحكام الشرعيَّة على مستوى التقليد الفقهيّ، كما أنَّ هناك أحكاماً من صلاحيَّات الفقيه العادل الجامع للشرائط لا غيره، فهو من يُفتي ويُعطي رأيه في الشريعة.

أما مع المدّعي المنتحل فإنَّ هذه الإحكام لا يصحُّ الأخذ بها لفقدانه شرائط الاجتهاد، فتراه يستغفل مقلِّده المسكين وهو لا يعلم أنَّه ارتكب حراماً بتقليده مُدَّعي الاجتهاد؛ لأنَّه يتَّبع من يفتي بغير علمٍ ولا حُجَّة؛ وبذلك قد سرق دين النّاس بالكذب والخداع!!

وهذا يسري به في شتّى القطاعات الحياتيَّة– وهذا مثالٌ للتوضيح والتقريب لا للمقارنة – فلو أنَّ من في نقابة الأطباء أو المعلمين أو إي تخصصٍّ آخر ادَّعى أحدهم دعوى الأهليَّة لهذا التخصص وتبيَّن كذبه وفقدانه لأبسط الشرائط،  فمن الطبيعيّ بعد بيان ذلك أنَّها تتخذ مواقفها وإجراءاتها منه، فهي لا تتحمل مسؤولية وجود طبيبٍ غير مؤهل لأنَّه يعبث بحياة الناس، وكذلك المعلم غير المؤهل سيضيع المستقبل العلميَّ للأبناء، فهل تحذير الناس منه يعدُّ صراعاً بين الاطبَّاء أو المعلمين؟ أم الأمر ينصبُّ على دفع ضررهم والتحذير منه كما هو الحاصل!!

فالمراجع الحقيقيون لا يتنافسون ولا يتصارعون لأنَّهم قدواتٌ يهتدي بها المؤمنون، ونوَّابٌ أمناء للمعصوم (عليه السلام)، وفي غالب الأحيان يكمّل أحدهم الآخر ويهربون من الفتوى لشدَّة احتياطهم وتقواهم، بعكس غيرهم ممن يستهلك وقته وأيَّامه في إثبات اجتهاده غير الحاصل !!!

ولا قيمة للأقلام الصفراء المنتفعة المسعورة التي تريد فرض المزيف إرضاءً لأهوائهم الطالبة للمال والشهرة.

– الشيخ أحمد آل حيدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى