عسى أن يُغيّر البعض نظرته القاصرة تجاه علماء الدين والشعائر وأتباعهما !!
استجمع أدلته في ذلك الوقت وكان يحسبها براهين ساطعة يبتعد بها عن هذا الدين الذي ينعته بأفيون الشعوب عند كل اجتماع عائلي ولقاءٍ جامعي…
كان بقمة فخره وهو يصفّ كتبه قرب رأسه وهي تنتقد الفقه وجموده، والكتب الأربعة والروايات المدسوسة والمخالِفة لعقله، ومناهج المحدّثين، والمراجع، والخمس والحوزة ودهاليزها وحتى القرآن…
يرى أن كل ذلك غير صالح لزمانه، تحترق هذه المقدسات في عقله كلما قرأ وتقدمت الصفحات كما تحترق سيگارته.
ما فتئَ ينظر للناس بعين المُشفق، سيّما عندما يستمعون الى رجال الدين والنواعي… أما عندما يلطمون وينحبون ويواظبون على الشعائر طيلة شهرين فهو يُبادل حزنهم بالضحك والاستهزاء لأن الحسين لا يريد منهم هذا… يتبادل صورهم مع أصدقائه وهو يجعل الحسين في خانتهم عنوةً، ويعتقد أنه ساخطٌ عليهم ما دام يسخط منهم…
يتساءل كثيراً متى يأتي يوم وعيهم، متى يأتي اليوم الذي يتحررون فيه من أفكارهم الرجعية، متى يأتي اليوم الذي يكونون فيه مثقفين…
حتى جاء يوم… ليس يومهم، بل يومه هو، بعدما كنّا على مشارف الموت، تجمّع كل مارفضه أمام ناظريه، وأمام عقله في تلك الظهيرة الساخنة في الثالث عشر من حزيران، الرابع عشر من شعبان أي قبل يومٍ من ولادة الإمام المهدي الذي طالما استهزأ بوجوده وبانتظار الشيعة له… في تلك الساعة رأى الكتب الأربعة انفتحت وخرجت منها هذه الفتوى، (فتوى الدفاع الكفائي)، وكأنه سمع صوت كل العلماء من المفيد الى السيستاني وهم يقرأون خطبة الجمعة، رأى أن هؤلاء الذين يتراكضون للتطوع بعدما كانوا يتراكضون في المواكب هم الصادقون مع الحسين، رأى أن كل ما كفر به نهض ليُحامي عني، رأى أن كل الدهاليز التي دخلها كانت مظلمة إلا دهاليز النجف، رأى ماذا يعني أن المهدي شمسٌ خلف السحاب ننتفع من شعاع لطفه وإن لم نرَه، رأى ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ.
– زهراء حسام