نذر الإمام الحسين (ع) عمرَه للحتوف، وأوقف نحرَه للسيوف، على سبق علمٍ بمصيره، وترقُّبٍ لمآل شهادتِه، يرشدك إلى ذلك خطبته المعروفة:” كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأنَ مني أكراشاً جوفا، وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم”.
أيُّ وضوحٍ في الرؤية، ومعرفةٍ بالهدف، ويقينٍ بالشهادة حتى يصف مصرعه الشريف بالكناية بدل التصريح؟ وقد تقرر في علم البلاغة أنّ الكناية أبلغ من التصريح؟
ولكن شاء سوء حظ قلم ابن العربي الفقيه المالكيّ المخذول أن يزعم في كتابه العواصم من القواصم أنّ الإمام الحسين (ع) قُتِل بسيف جدِّه، وجعله باغياً خارجاً على يزيد!! وفي هذا الكلام تكذيبٌ لقول النّبيّ (ص) “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنَّة”.
وتبع ابنَ العربي ابنُ خلدون البربري في تاريخه، وقال السخاوي نقلاً عن أستاذه : “ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها” [الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، شمس الدين السخاوي، ص١٢٨] ورجوع ابن خلدون عن هذا القول دليلٌ على بشاعته وقبحه !!
والعجيب أنَّهم يستدلون بقول الصحابيّ وفعله ويستنبطون منه الحكم الشرعيّ ويعتبرونه حجّة، فإذا وصل الأمر للإمام الحسين (ع) غلَّطوه وكفَّروه وكأنَّه (ع) ليس صحابياً له ما للصحابة!!
” كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا” [الكهف 5].
#مجموعة_إكسير_الحكمة