في سنة 2000 أو 2001، تشرفت بحضور مجلس تعزية في براني سماحة المرجع الأعلى دام ظله، وذلك في الرواية الثانية لشهادة الزهراء عليها السلام، وقد كان سماحته جالساً في نفس هذا المكان الظاهر في الصورة، وحتى نفس هذا القرأن الموضوع عند رأسه الشريف.
وكان الخطيب هو الشيخ جعفر الدجيلي دام توفيقه، وقرأ يومها قصيدة (البدار البدار آل نزار) للشاعر الكبير عبد الحسين شكر رحمه الله.
وقد كتبت في احدى المقالات السابقة أن المرة الوحيدة التي رأيت فيها سماحة المرجع الأعلى يبكي حتى اهتزت أكتافه، هو في ذلك المجلس، عندما قرأ الخطيب البيت المعروف:
لاتلد هاشمية علوياً … إن تركتم أمية بقرار.
ومن آداب المجالس الحسينية المعقودة في بيوتات العلماء، أن الخطيب عندما ينتهي من المجلس يدعو للمرجع الديني صاحب المجلس بالعافية وطول البقاء، ويخصصه بالإسم، وليس كبقية المجالس العامة التي يُدعى فيها (للمؤسسين) عموماً.
ولكن الخطيب في هذا المجلس لم يذكر سماحة المرجع الأعلى بالأسم، وعندما انتهى أتاه سماحة السيد محمد رضا الغريفي -وأنا واقف بجواره- وكلمه بهدوء، وقال: شيخنا لماذا لم تدع لسماحته دام ظله؟! فقال الشيخ: إن سماحة السيد محمد رضا ذكر لنا أن رغبة سماحة السيد بأن لا يُذكر على المنابر.
فقال السيد الغريفي: نعم هذه رغبته دام ظله وهو أمر متوقع منه لزهده، ولكن أنت من جهتك يكون تلتزم بالطريقة المتعارفة، فمالم يمنعك أو يظهر أذيته من ذلك، فلا تترك الدعاء له، فقال الشيخ: بخدمتكم وهو كذلك.
هذه قصة عن رجل يعرف شأن المنبر، بقدر معرفته بتواضع نفسه، فإن كان مثل سيد الطائفة لا يرى ضرورة لذكر اسمه على المنبر، فأي شخص أو موضوع يسكتب من الأهمية والضرورة، أن يذكر على منبر سيد الشهداء عليه السلام، ليزاحم رسالته التربوية؟
– إيليا إمامي