إن الإمام الحسن كان ينظر بالبصيرة الواعية إلى أبعد مما ينظرون، ويعرف بالعقل اليقظان من مشاكلهم أكثر مما يعرفون، ويغار – بدينه – على الصالح العام أعنف مما يحسبون.
إنه يدرك جيداً دقة الموقف، بما يسيطر عليه من ميوعة الأخلاق، في قسم عظيم ممن معه في جيشه، وممن حوله في كوفته وكان ينتظر لهذا التفسخ الأخلاقي الذي باع الدنيا بالدين، أثره السيئ في ظروف الحرب، لو أنه استبق إلى الحرب قبل أن يضطره الموقف إليها.
ورأى أن في تحمل قليل من مفاسد هؤلاء كثيرا من الصلاح لسياسته الحاضرة مع ظرفه الخاص.
ورأى ان يعالج الموقف من وجهه الثاني، فترفق بالناس، ولم يتنكر لاحد من رعيته ولم يبد له أمرا، وأخذ بسياسة التهدئة وإسدال الستار، لئلا يتسع الفتق وتعم الفتنة، وأرجأ التصفية إلى وقتها المناسب لها، ليضع الندى في موضعه والسيف على أهله.
– السيد عبد الحسين شرف الدين.
_ كتابه: صلح الحسن (ع).
#مجموعة_إكسير_الحكمة