ما لا تعرفه من سيرة المرجع الأعلى (دام ظله)
الحلقة الثالثة
امتاز منهجه البحثي والدرسي عموماً في أمور :
أ – التحدث عن تاريخ المسألة وجذورها التي ربما تكون فلسفية كبساطة المشتق أو عقائدية وسياسية كالتعادل والترجيح.
ب – الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة، كاختياره اتجاه الشيخ صاحب الكفاية في الفارق اللحاظي بين المعنى الحرفي والاسمي، لكنه بناه على النظرية الفلسفية الحديثة؛ أعني نظرية التكثر الإدراكي.
مضافاً لنظرية انتزاع الزمان من المكان بلحاظ تعاقب النور والظلام، ونظرية بعض علماء الاجتماع في تقسيم الطلب من أنه نتيجة تدخل صفة الطالب من الالتماس والدعاء… الخ، ونحوها.
جـ – الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه لا الترف الفكري فحسب.
د – الإبداع والتجديد، لا الاجترار والتكرار.
هـ – الإلمام بمقتضيات العصر كقاعدة التزاحم والخلاف الفقهي الأصولي من أنَّها قاعدة عقلية، أو عقلائية صرفة ؛ والتي أدخلها سيدنا الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي بالمؤدى نفسه – والتي هي قاعدة شريعة لدلالة النصوص عليها مثل : (ليس شيء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه) (۱)- بضميمة فهم الجعل التطبيقي.
وتوسعته لقاعدة لا تعاد لغير الصلاة بدلالة ذيل النص : (لا تنقض السنة الفريضة).
و – النظرة الاجتماعية للنص ودراسة الجو المحيط له، كما في مسألة عدم جواز بيع الحُمُر الأهلية الصادر زمن ظرف الحرب مع يهود خيبر.
ز – توافر الخبرة بمواد الاستنباط ككلام العرب خطباً، وأشعاراً، ومجازات، وإحاطته بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ورواتها تفصيلاً، واختلاف النسخ وحال المؤلف من حيث منهجه، وتثبته وضبطه، وهكذا.
وأما ما شاع في هذا المجال من أنَّ الصدوق أضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى أنَّ الشيخ الطوسي ناقلاً أميناً لما وجده في الكتب مستنداً بذلك على قرائن عنده.
حـ – المقارنة بين المدارس المختلفة : إذ قارن بين فكر مدرسة مشهد وقم المقدستين، والنجف الأشرف ومما هو معلوم أنَّ ذلك يوسع النظرة، وزاوية البحث، ويولد نظرة شمولية واضحة.
فقه الشيعة وغيرهم:
أما على المستوى الفقهي خصوصاً، فقد امتاز منهجه البحثي والدرسي في أمور:
أ- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، وقد تقدمت بعض الشواهد.
ب- الاستفادة (عقلائياً) من علم القانون الحديث في بعض المواضيع الفقهية كالبيع، ومعلوم أنَّ بذلك إحاطة بالفكر القانوني المعاصر، والذي يولد خبرة يستعان بها على تحليل القواعد الفقهية (عقلائياً) وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها.
جـ- التجديد في الأطروحة: إذ اهتم في تغيير بعض القواعد الفقهية صياغياً، كتغيير قاعدة الإلزام إلى تسميتها بقاعدة الاحترام.
زيارة بيت الله الحرام :
تشرف بزيارة بيت الله الحرام؛ لأداء الحج
في عامي ١٤٠٥ هـ و ١٤٠٦ هـ. وقد سبقهما الزيارة الأولى عام ١٣٨٦هـ
تكليفه إمامة الصلاة:
طلب سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي من سماحته أن يؤم المصلين في مسجد الخضراء، وبعد رفضه أولاً، وإلحاح سيده الأستاذ استمهله أياماً؛ ليخرج مستجيباً لإمامة المصلين في يوم الجمعة الموافق ٥ جمادي الأولى ١٤٠٩ هـ وبقي مواظباً عليها إلى الجمعة الأخيرة من شهر ذي الحجة عام ١٤١٤هـ حين أُغلق الجامع.
ظروف اعتقاله :
في عام ١٤١١هـ أعتقل السيد السيستاني مع نخبة من رجال الحوزة الشريفة كآية الله العظمى الشيخ مرتضى البروجردي، وآية الله العظمى الشيخ علي الغروي، بعد أن قضى النظام الحاكم على الانتفاضة الشعبانية في عام ۱۹۹۱م.
وقد تعرضوا للضرب والاستجواب في فندق السلام، ومعسكر الرزازة، ومعتقل الرضوانية إلى أن فَرَّجَ الله تعالى عنهم ببركة أهل البيت (عليهم السلام).
زعامة الحوزة:
تصدى سماحته للتقليد بعد وفاة السيد الخوئي (قدس) عام ١٤١٣هـ، وكذا زعامة الحوزة العلمية؛ وذلك بإرسال الإجازات، وتوزيع الحقوق الشرعية، ونحوها.
مرجعيته:
انتشر تقليده في أرجاء العالم، ويُعد من القلائل الذين تدور حولهم الأعلمية.
محاولة اغتياله :
خطط النظام الحاكم آنذاك لاغتياله، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات العراقية عدداً من الخطط.
دوره في التهدئة:
له دور كبير في المحافظة على الجو الهادئ، وإذابة روح الهياج العام أثر النزاعات التي حدثت بعد غزو العراق في عام ۲۰۰۳م.
دعوته إلى الوحدة:
دعا إلى كتابة الدستور بأيادي عراقية ومن مختلف الطوائف كاشفاً عن سعة الأفق في نظرته لا للمذاهب الإسلامية حسب، بل وارتقائه لكل الطيف العراقي بلا فرق بينهم إلا من حيث نسبة التمثيل.
دوره في توجيه القيادات:
كان له دور في توجيه كثير من القيادات الحاكمة في السلطة العراقية بعد الاحتلال
الرحلة العلاجية:
في عام ۲۰۰٤م قام برحلة علاجية إلى لندن وقد عاد بعدها سريعاً للتدخل في حل الأزمة في النجف الأشرف بعد أن تدهورت الأوضاع فيها بعد المواجهات العنيفة بين جيش المهدي والقوات الأمريكية، ويعد سفره هو الأول بعد إقامة في بيته دامت سنين عدة.
رهين الدار:
خرج للمرة الثانية خلال ١٥ عاماً من المكوث رهين الدار إلى سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس) معزياً إياه بوفاة والده السيد محمد علي الحكيم (قدس) عام ١٤٣٢هـ.
١)الحر العاملي : وسائل الشيعة
بقلم الشيخ الدكتور جواد أحمد البهادلي
#مجموعة_إكسير_الحكمة