فكر وثقافة

مراحل عِمارة مرقد أمير المؤمنين (ع)

دُفن أمير المؤمنين (ع) في النجف في الموضع الذي يُزار فيه الآن بوصيةٍ منه، فقد ورد عن الإمام الباقر (ع): إنّ الإمام علياً (عليه السلام) قال في وصيته: (أنْ أخرجوني إلى الظَّهْر، فإذا تصوَّبت أقدامُكم واستقبلتكم ريح فادفنوني، وهو أول طور سيناء، ففعلوا ذلك), ولا يخفى أنَّ الظَّهْر هو أحد أسماء النجف.
تهذيب الأحكام: 6/ 34

كان أهل البيت (ع) يتعاهدون قبر الإمام أمير المؤمنين (ع) ويزورونه خُفيةً، وقد زار الإمام علي بن الحسين القبر الشريف وقرأ زيارة (السلام عليك يا أمين الله في أرضه).
كامل الزيارات ص٩٢.

وفي فرحة الغري للسيد ابن طاووس، أنّ الإمام جعفر الصادق (ع) أجاب صفوان الجمال عن السبب الذي منع أهل البيت (ع) من إظهار القبر، فقال (ع): (حذراً من بني مروان والخوارج أن تحتال في أذاه). ونقل الشيخ جعفر محبوبه عن كتاب منتخب التواريخ : أنَّ الحجاج بن يوسف الثقفي حفر ثلاثة آلاف قبر في النجف طلباً لجثة أمير المؤمنين (ع)!!
– فرحة الغري لابن طاووس
– ماضي النجف وحاضرها

ولم يزل مكان القبر الشريف في النجف سراً لم يطّلع عليه إلاّ أهل البيت (ع) والخواص من شيعتهم، اقتداءً بوصية أمير المؤمنين (ع) من سنة أربعين من الهجرة وحتى سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية في عام 132هـ/749م. وبعد زوال الخوف والحذر أظهر الإمام جعفر الصادق (ع) القبر الشريف ودلَّ عليه شيعته وأمرهم بزيارته عندما ورد العراق بطلب من الخليفة الأول لبني العباس أبي العباس السفاح, إذ التقاه في الحيرة، وبنى الإمام عليه السلام على القبر دكّة للدلالة عليه.
– فرحة الغري لابن طاووس

بعد أن أظهر الإمام الصادق (ع) القبر الشريف أُقيمت على المرقد المطهر وعلى تعاقب القرون عماراتٌ وإصلاحات كثيرة.
-فالملوك والعظماء والوزراء والأدباء والقضاة والفقهاء والعلماء والمحدّثون ساهموا في عمارة المرقد الطاهر لأمير المؤمنين (ع).

وضع داود العباسي صندوقاً خشبياً على القبر الشريف في عام 273هـ ، وبقي هذا الصندوق لمدة عشر سنوات
– ثم أنشأ ملك طبرستان السيد محمد بن زيد الداعي الحسني العمارة الأولى في سنة 283هـ ببناء حرم وقبّة للمرقد المطهر
– تُعد هذه العمارة بداية التخطيط الحضري لمدينة النجف الأشرف ونشوء المشهد، فبدأت من حينها المجاورة للمرقد العلوي المطهر والدفن بقربه.

عمارة الأمير عبد الله بن حمدان الحمداني
– وصفها الإدريسي في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” قائلاً :
(وعلى ستة أميال من الكوفة قبّة عظيمة مرتفعة الأركان … ويُذكر أنَّ بها قبر عليّ بن أبي طالب).
– رجّح الأستاذ الدكتور صلاح الفرطوسي أنْ يكون تاريخ بناء هذه العمارة في عام 311هـ
(مرقد وضريح أمير المؤمنين ص ١٧٧ – ١٧٨).
– ثم أُقيمت عمارة من قبل زعيم الكوفة عمر بن يحيى العلوي في سنة 338هـ، فقد بنى حرماً جديداً وقبّة كبيرة على المرقد العلوي المقدس.

ثم قام حاكم بغداد السلطان عضد الدولة البويهي بإزالة العمارة السابقة وإنشاء عمارة فخمة بقبة بيضاء على المرقد العلوي المقدس في سنة 366هـ في عهد الخليفة الطائع العبّاسي.
وقد ذكر هذه العمارة ابن بطوطة في رحلته الشهيرة عندما زار النجف عام 726هـ.

بقيت عمارة عضد الدولة البويهي لمدة طويلة إلى أن احترقت بسبب شموع الإضاءة سنة 755هـ .
– انبرى الأمير حسن بن نويان الجلائري وهو من الأسرة الإيليخانية بإعادة بناء المرقد المطهر في سنة 755هـ واكتملت العمارة الجديدة في سنة 760هـ في عهد ولده الأمير أُوَيس الجلائري.

ثم العمارة الصفوية، وهي العمارة الفخمة الحالية للمرقد العلوي المطهر التي أمر بإنشائها الشاه عباس الأول الصفوي في سنة 1023هـ.
– وعندما توفي الشاه عباس الأول في سنة 1038هـ أتمها حفيده الشاه صفي بن صفي ميرزا بن الشاه عباس الأول.
– تشرف العلامة الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي المعروف بالشيخ البهائي “قدس سره” بوضع  هندسة هذه العمارة.
– إنّ العمارة الصفوية الحالية لمرقد أمير المؤمنين (ع) هي تحفة فريدة من الفن الإسلامي الأصيل، فهي تعدُّ أعظم وأفخم العمارات التي شيدت على مراقد أهل البيت (عليهم السلام).

#مجموعة_إكسير_الحكمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى