منذ أن خاض العراق تجربته الانتخابية قبل عشرين عامًا، شهدنا تحولات كبيرة في ميزان القوى السياسية. صعدت أحزاب وفشلت أخرى، وتبدّلت التحالفات، حتى أنّ رؤساء أحزاب كبرى غيّروا أسماء قوائمهم الانتخابية أكثر من مرة، في محاولة واضحة للتكيّف مع مزاج الناخب العراقي.
وهذا وحده كافٍ ليدلّ على أن صوت الناس هو العامل الحاسم في المشهد، وأنّ التغيير ممكن من داخل العملية السياسية لا من خارجها.
الذين يظنون أنّ “الوجوه نفسها تتكرر دائمًا” يغفلون عن حقيقة أنّ التكرار لا يحدث إلا عندما يترك الناس صناديق الاقتراع فارغة، فيسمحون للفاسدين بالعودة بسهولة!
أما حين يشارك المواطن بوعي، فإنّ الخريطة تتبدّل، والرسالة تُسمع، والمجتمع يفرض إرادته تدريجيًا.
في المقابل، أثبتت التجارب العراقية والعالمية أنّ الانقلابات لا تبني دولًا ولا تصنع استقرارًا؛ بل تُدخل البلاد في دوّامات دم ودمار، وتُفقد المؤسسات شرعيتها، وتُعطّل التنمية.
ويعلم المؤمنون عظيم الجرائم التي حصلت بحقهم حين مُنعوا من المشاركة في استحقاقهم الديموقراطي سابقاً، وعدم تمثيلهم تشريعياً وحكومياً، وحتى بعد قيام النظام الحالي الذي مُثّلوا فيه نوعَ تمثيل، بقيت الأصوات الطائفية ضدّ أبناء المكون الأكبر عاليةً من بعض المأزومين الطائفيين، لذا عليهم أن يحددوا مصلحتهم بكل وعيّ وتبصّر، ولا يفرّطوا بما يحفظ حقوقهم من خلال اختيار المرشح الصالح الأمين.
والإصلاح الديموقراطي التدريجي، كما في تجارب دول عديدة، هو الذي يصنع تراكم التجارب الناجحة سياسيا واقتصاديا، ويهيّئ الأرضية لتغييرٍ راسخٍ ومستمر.
إنّ الحفاظ على عملية (التداول السلمي للسلطة عبر الطريق الأسلم وهو الانتخابات) لا يعني التغاضي عن إخفاقات العملية السياسية، بل يعني الإيمان بأنّ العلاج يكون من داخل العملية، عبر تطوير القوانين الانتخابية، ومحاسبة المقصرين والفاسدين، وتجديد الطبقة السياسية بالصندوق لا بالسلاح والانقلابات!
والإنفاق الكبير الذي نراه في الحملات الانتخابية يؤكد أنّ السياسيين يدركون تمامًا أنّ العامل الأساسي هو صوت المواطن.
فكل دينار يُصرف في الدعاية هو اعتراف صريح بأنّ القرار بيد الناس، وأنّ التغيير يبدأ بورقة اقتراع لا بالتذمّر والصراخ.
ورسالتنا التي نؤكد عليها دائماً: إنّ المشاركة الواعية ستصنع الفارق وتدفع عجلة الإصلاح والتقدم إلى الأمام، وأمام الناخبين الكرام الفسحة المقبولة قبل يوم الانتخابات، وهي مدة كافية جداً لاختيار من يمثلهم.
ما قرأته في هذه السطور هو الذي يدفعنا للتوضيحات بشأن الانتخابات، وليس لنا أي مصلحة مع أي مرشحٍ أو كيان، كما هي سيرتنا منذ ما يقرب من عشر سنوات، ولا نعبأ بسوء الظن وكيل الاتهامات!
#الصالح_الأمين
#مجموعة_إكسير_الحكمة