قبل الشروع في جواب السؤال تعال نتفق على معنى الانتصار هنا، هل يُراد به الانتصار العسكريّ؟ أو هو انتصارٌ بمعنىً آخر؟ وما هو؟
لا ريب أنَّ من يريد الانتصار العسكريَّ لا بُدَّ أن يعُدَّ له عُدَّته من الأسباب الماديَّة من الرجال والخيل والسلاح، وحين نقرأ تاريخ النهضة الحسينيَّة نرى أنَّ الإمام الحسين (ع) خرج بالنّساء والأطفال وقلَّةٍ قليلةٍ من صفوة بني هاشم وأصحابه الغرّ الميامين.
فهو (ع) لم يفكر بالنّصر العسكريّ لاستحالة أسبابه من الناحيَّة الماديَّة الظاهريَّة.
ولكنَّه (ع) تحدَّث في رسالته لبني هاشم عن الفتح: (أمَّا بعد، فإنَّه من لحِق بي منكم استُشهِد معي، ومن تخلَّف لم يبلغ الفتح) [بصائر الدَّرجات ص502].
فما هو الفتح والنصر يا تُرى؟
يُجيبُنا عن ذلك الإمام زين العابدين (ع)، ففي رواية عن الإمام الصادق (ع)، قال: لما قدِمَ عليُّ بن الحسين (ع) وقد قُتِل الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، وقال: يا عليَّ بن الحسين، من غَلب؟ وهو مغطى رأسه، وهو في المحمل. قال: فقال له عليُّ بن الحسين: إذا أردتَ أنْ تعلم من غلب، ودخلَ وقت الصلاة، فأذّن ثم أقم. [أمالي الشيخ الطوسيّ677].
إذن المنتصر هو مشروع الإمام الحسين (ع)
وذلك لأنَّ هناك إرادتين: إرادة إلهيَّة في رفع اسم النبيّ (ص) ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].
وإرادة أمويَّة تتمثَّل في قول معاوية: (وإنّ ابن أبي كبشة لَيُصاح به كلَّ يومٍ خمس مرات: “أشهد أنَّ محمداً رسول الله”، فأيُّ عملي يبقى، وأي ذكرٍ يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفناً دفناً) [شرح نهج البلاغة ج5 ص130].
فالنصر الحسيني هو بقاء الأذان، وبقاء اسم النبيّ (ص) يُصاح به على المآذن خمس مراتٍ في اليوم، وبالتالي بقاء الدين وشعائره، وهذا ما أراده الإمام الحسين (ع)، وبذلك يتضح مَن هو المنتصر.
#مجموعة_إكسير_الحكمة