أجوبة الشبهاتدينفكر وثقافة

فلتحيا الصين الشعبية!!

جواباً على سؤال الأخ أمير عباس الفراتيّ

هل تتخيل أنْ يُهتف في موكبٍ حسينيٍّ: (فلتحيا الصين الشعبيّة)؟

أو أنْ تفتتح اللطميات بعبارة (اتحاد فيدرالي وصداقة سوفيتيّة)؟

قد تبدو هذه العبارات أقرب للنكتة في زمننا، لكنها في الحقيقة جزءٌ من مشهدٍ تاريخيٍّ موثق، حين تسلّلت السياسة إلى قلب الشعائر الحسينيَّة، فحوّل العزاء من منصة بكاءٍ على الحسين، إلى منبرِ دعايةٍ للزعماء والأحزاب والملوك كما سيأتي بيانه.

فبعد أنْ اكتسب المنبر الحسينيُّ تأثيره الكبير عبر التاريخ من التزامه بتوصيات أئمة أهل البيت (ع)، وتوجيهات المراجع العظام، وابتعاده عَّما لا يخصه من صراعاتٍ وتوجّهاتٍ سياسية، سترى أنّ القوى السياسيَّة طمعت باستغلال هذه القوة، فعملت على التوغل في الوسط الحسينيّ، وأقحمت الشعائر في ساحتها، فأسست هيئات ومواكب لا لخدمة الإمام الحسين (ع)، بل للترويج لأجنداتها.

ففي أوقاتٍ مختلفةٍ من التاريخ الحديث، استُخدمت المواكب الحسينيَّة لترويج شعاراتٍ سياسيَّةٍ لا علاقة لها بقضية الإمام الحسين (ع) بل لا علاقة لها بالإسلام، وكان هذا واضحًا في بعض الهتافات واللطميات المخجلة.

ففي عام 1943:
نشرت جريدة (الزمان) أنّ المواكب العزائيّة لمدينة (…) نزلت في شوارع كربلاء المقدسة، ورفعت شعاراتٍ سياسيَّةً تؤيّد الملك و”الدول الحليفة”، وتعارض “دول المحور”، وجاء في إحدى الأهازيج:
ساحة إعلان الحرب لجناها
ننتظر يَمْته ينادينا الوصي
چان وفّينا العهد وياها
لَوَن تنخانا «الحليفة» الظافرة
إن شا الله «المحور» تدهور وانكسر
والعروبة حصّلت منواها

وفي عام 1959:
بعد الخلاف الشهير بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، رُفعت شعارات داخل أحد المواكب في ليلة العاشر من المحرم، من بينها:
اتحاد فيدرالي وصداقة سوفيتيّة
فلتحيا الصين الشعبيّة
حيدر، يا عليّ

“عزاء الشيوعيين”
لم يقتصر الأمر على الشعارات، بل ظهر موكب عُرف باسم “عزاء الشيوعيين”، وكان يُردّد شعاراتٍ حزبيَّةً صريحةً منها:
شلون يقبله عقلنه
تصبح أمريكا أملنا
هاي خطة أجنبيّة
تقودنه للانهدام
هالشعب يا جبهة باسمچ
يمشي بدروب النضال
قدّم السوفيت إلنه
بالحرب أجمل وسام
والجيوش العربيّة
تفخر بصاروخ سام

وفي إحدى المحافظات، جاء مستهل اللطمية الحسينيَّة على الشكل الآتي:
اتحاد فيدراليّ، صداقة سوفياتيّة
مع الصَين الشعبيّة
وأيزنهاور ينهار
يا حيدر يا كرار

قد يستغرب القارئ من هذه الظواهر، لكن المراجع العظام والعلماء الكرام مدركون لذلك ويعلمون أنّ إقحام الشعائر في السياسة سيحولها إلى منصةٍ دعائيَّة، يستخدمها السياسيُّ المسلم والكافر، فتفقد الشعائر رسالتها الأصلية، بل تتفرّغ عن مضمونها، فتفقد جمهورها وقيمتها، ويُستغنى عنها بعد أنْ تصبح أداةً لا قوة لها ولا تأثير.
ولأجل ذلك أكدوا على إبعاد الشعائر الحسينية عن السياسة.

#مجموعة_إكسير_الحكمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى