لا يصح أن يُفهم من مخاطبة السيّدة الزهراء (ع) لأمير المؤمنين (ع) بقولها له: «يا ابن أبي طالب اشْتَمَلْتَ شِمْلَةَ الْجَنينِ وقعدت حجرة الظنين، نقضتَ قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل» أنها لامته وعاتبته!!
إذن فما وجه كلامها (ع)؟
أما قولها (ع) “اشتملتَ شملة الجنين” فإنها تصف موقف الإمام عليٍّ (ع) بأنه يشبه موقف الجنين في الرحم، فهو (ع) لا يستطيع الحراك للظروف القاهرة التي غلبت عليه، كما الجنين في بطن أمّه.
وأما قولها (ع) “وقعدتَ حجرة الظنين” فإنّ الحُجرة هنا بمعنى موضع الانزواء أو التواري عن الأنظار، أمّا الظَّنين فهو المتَّهَم الذي يُساء الظنّ به، وتوظيف هذا التعبير يُبرز أنّ الإمام (ع) لجأ إلى العزلة القسرية، كما ينعزل المتّهم الذي تُوجَّه إليه الشبهات، رغم كونه صاحب الحقّ في الواقع.
وقولها (ع) “نقضتَ قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل” فإنّ قادمة الأجدل أقوى ريشٍ في الصقر، وهو الذي يساعده على الطيران، إشارة إلى شجاعته (ع) في المعارك، والريش الأعزل أضعف ريش في الطائر، إشارة إلى خذلان القوم له، فضعف موقفه (ع) اليوم لخيانة الأمّة له!!
فهي (ع) لم تُلقِ اللوم على الإمام عليٍّ (ع)، وإنما:
1. إنه خطاب الاستعذار لا اللوم.
بمعنى أنّ كلام الزهراء (ع) موجّهاً إلى الإمام علي (ع) بهدف إظهار عذره، وليس توجيه اللوم إليه.
وأنّ صبره لم يكن ضعفاً، بل امتثالاً لوصيّة رسول الله (ص) بالصبر حتى تتمايز الصفوف، كما في جوابه المعروف: “فوالله ما ونيتُ عن ديني… وما أُعِدَّ لكِ خيرٌ مما قُطع عنك، فاحتسبي”.
2. بل اللوم موجّه للمتخاذلين لا للإمام،
وإنْ بدا الخطاب موجّهاً للإمام علي (ع)، إلَّا أنّ المقصود الحقيقي هو المهاجرون والأنصار الذين خذلوا الزهراء (ع).
عظم الله لكم الأجر وأحسن لكم العزاء
#مجموعة_إكسير_الحكمة


