يُعدّ الزواج في جوهره ميثاقًا غليظًا يهدف إلى السكينة والاستقرار، إلا أنّ التحوّلات المعاصرة حرّفت بوصلته من بناء أسرةٍ إلى بناء مشهدٍ تفاخري، حيث أصبح الرضا والفرح في هذه المناسبة مرتبطين بمقدار الإنفاق، مما حوّل الزواج من مصدرٍ للبهجة إلى عبءٍ اجتماعيٍّ وماديّ .
وفي هذا الصدد نذكر بعض النقاط:
أولًا: من الفرح إلى الاستعراض
تندرج هذه الظاهرة ضمن مفهوم “الاستهلاك الاستعراضيّ”، حيث تُستخدم الأعراس لإظهار المكانة الاجتماعيَّة، ومع تكرار هذه النماذج، تتكوّن “أعراف ضاغطة” تجعل البذخ معيارًا، وتحوّل البساطة إلى خيارٍ مُحرِجٍ اجتماعيًا بدل كونها سلوكًا واعيًا.
ثانيًا: إدخال الفعاليَّات المحرّمة، خللٌ في فهم الفرح، وضمن هذا السياق، تُدرج أحيانًا فعالياتٌ مخالفةٌ للضوابط الشرعيَّة، كالعزف الموسيقيّ المحرّم، أو الرقصات الاستعراضيَّة مثل رقص الباليه المختلط.
ومن المؤسف أن يجري تبرير هذه المخالفات بحجة المناسبة، في حين يقرّ الدين الفرح وينظّمه ضمن الضوابط الإلهيَّة، ولا يجيز تجاوز الحدود الشرعية تحت أيَّة ذريعة.
ثالثًا: وسائل التواصل الاجتماعيّ وصناعة النموذج الخاطئ، حيث تتفاقم هذه الظاهرة مع تسويق الأعراس عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، وتتحوّل إلى نموذجٍ يُحتذى، ويُسهم هذا التسويق في ترسيخ صورةٍ للزواج بوصفه حدثًا مكلفًا، ما يخلق ضغطًا نفسيًا واجتماعيًا وإحباطًا لدى الشباب غير القادرين على مجاراته.
رابعًا: الآثار الدينيَّة والاجتماعيَّة
ومن أخطر النتائج لهذه الظاهرة صعوبة الزواج مستقبلًا، وتحويل الكماليات إلى ضرورياتٍ يصعب كسرها، كما يؤدّي ذلك إلى تآكلٍ تدريجيٍّ للقيم الدينيّة، وتعميق الفوارق الطبقيّة، وربط قيمة الزواج بالمظهر لا بالمعنى.
الزواج الذي يريده الدين:
أما الزواج الذي يريده الدين هو ما قاله إمامنا الصادق (ع) :”من بركة المرأة خفة مؤنتها وتيسير ولادتها، ومن شؤمها شدّة مؤنتها وتعسير ولادتها” [وسائل الشيعة ج ١٤ ص ٧٨].
#مجموعة_إكسير_الحكمة


