اكتشاف كروية الأرض وحركتها وقطرها
من قبل علماء العرب والمسلمين.
هناك من الأشخاص البعيدين عن الأجواء العلمية قد يتسبّب كلامه باتهام علماء المسلمين بالتخلّف والتحجّر، وذلك من خلال تصريحاته التي تنفي بعض الحقائق العلمية الثابتة، ككروية الأرض وحركتها، وهذا ما دعانا لذكر ما قاله علماء العرب والمسلمين عن هذه الحقائق، وبيان أنّهم ليسوا في وادٍ غير وادي الحقائق العلمية، بل ربما سبقوا غيرهم باكتشافها.
فنقول :
لعلماء العرب والمسلمين – شيعة وغيرهم، من المتقدمين والمتأخرين – القول العلمي والسديد بـ (كروية الأرض وحركتها) معتمدين على نظرهم ومؤيّدين ذلك بالنصوص القرآنية الشريفة.
فبالنسبة لكروية الأرض فهو أمر اثبته العلماء المسلمون منذ القرون الأولى للإسلام.
يقول المسعودي المتوفى سنة ٣٤٦ هـ في كتابه (مروج الذهب): الشمس إذا غابت في أقصى الصين كان طلوعها على الجزائر العامرة في بحر أوقيانوس العربي، وإذا غابت في هذه الجزائر كان طلوعها في أقصى الصين، وذلك نصف دائرة الأرض.
أما الشريف الإدريسي المتوفى سنة ٥٦٠ هـ فقد قال في كتابه (نزهة المشتاق): إنّ الأرض مدورة كتدوير الكرة.
ويتضح مما تقدم: أنّ علماء العرب والمسلمين قد اكتشفوا كروية الأرض وحركتها حول الشمس، قبل كوبرنيكس (878-955هـ) بعدة قرون، وليس كما يدعي علماء الغرب خطأً وبهتاناً بأنّ كوبرنيكس هو صاحب فكرة كروية الأرض.
وقد قاس علماء العرب والمسلمين بكل دقة محيط الكرة الأرضية، فكانت 41.248 كيلو متر، أما الرقم الحقيقي لمقدار محيط الأرض فهو 40.070 كيلو متر، لهذا يتضح أنّ الرقم الذي وصل إليه علماء المسلمين يقارب الرقم الحقيقي الذي حسب بواسطة الحاسب الآلي الأقمار الاصطناعية التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.
كما طور أبو الريحان البيروني (362-440هـ) معادلة رياضية لاستخراج محيط الأرض بطريقة علمية بسيطة.
والجدير بالذكر أنّ معادلة البيروني لحساب محيط الأرض لا تزال مستعملة حتى يومنا هذا، وعرفت عند علماء الغرب والشرق بقاعدة البيروني لحساب نصف قطر الأرض.
وإليك بعض أقوال الفقهاء والمفسرين :
الشيخ الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠ هـ في تفسير التبيان يرد استدلال بعض القائلين بانبساط الأرض معقباً على دليلهم قائلاً :
وهذا لا يدل على ما قاله، لأنّ قول من قال الأرض كروية معناه إنّ لجميعها شكل الكرة. ج١ ص ١٠٣
وقال الشيخ البهائي في الإثنا عشريات ص ٢٤٤ :
أن من جالس السفينة و نظر إلى جانب الجبل رأى أوّلا فوق الجبل و ثانيا تحته، فينبغي أن تكون الأرض كرويّة، لأنّها لو كانت غير كرويّة لما اختلفت الرؤية و رأى فوقه و تحته دفعة واحدة، فذهبنا من المعلول الذي هو الرؤية المذكورة إلى العلّة التي هي كرويّة الأرض،« منه قدّس سرّه».
وقد عدّ الشيخ محمد رضا النجفي الأصفهاني كرويّة الأرض من البديهيات فقال : قام عليها (يعني كروية الأرض) من البراهين ما أخرجها عن عداد النظريّات، وألحقها بالبديهيّات. نجعة المرتاد ص ٤٠٥.
وقال السيد جعفر بحر العلوم في
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم ج١ ص٢٠٤ :
والَّذين أنكروا كرويّة الأرض فقد أنكروا تحقُّقها ، ولم نطّلع على شبهة في ذلك فضلاً عن دليل ، والدلائل المذكورة في المجسطي وغيره شاهدة بكرويَّتها ، وقد يتوهم أنّ القول بكرويَّتها خلاف ما عليه أهل الشرع ، وربّما استند ببعض الآيات الكريمة كقوله : ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾، وقوله جلّ شأنه : ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ ، ولا دلالة في شيء منها على ما ينافي الكرويّة ، والمفسّرون من العامّة والخاصة متفقون على كرويّة الأرض ، بل ذهب إليه غير واحد من الفقهاء .
وقال السيد الخوئي (قدس) :
ومن الأسرار التي أشار إليها القرآن الكريم كروية الأرض فقال تعالى: { وَ أَوْرَثْنَا اَلْقَوْمَ اَلَّذِينَ كََانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشََارِقَ اَلْأَرْضِ وَ مَغََارِبَهَا } { رَبُّ اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ مََا بَيْنَهُمََا وَ رَبُّ اَلْمَشََارِقِ } { فَلاََ أُقْسِمُ بِرَبِّ اَلْمَشََارِقِ وَ اَلْمَغََارِبِ إِنََّا لَقََادِرُونَ }.
ففي هذه الآيات الكريمة دلالة على تعدد مطالع الشمس ومغاربها، وفيها إشارة إلى كروية الأرض، فإن طلوع الشمس على أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية يلازم غروبها عن جزء آخر، فيكون تعدد المشارق والمغارب واضحا لا تكلف فيه ولا تعسف. موسوعة الإمام الخوئي ج٥٠ ص ٧٥.
ثم إنّ المفسرين الذين يضيق المقام عن ذكرهم هنا استفادوا من قوله تعالى (وَتَرى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) حركة الأرض وأنها ليست ثابتة.
#مجموعة_إكسير_الحكمة