يرتبط مفهوما العدل والمساواة ببعضهما البعض، إلّا أنَّ العدل لا يكون دائماً بالمناصفة والتكافؤ بين الأطراف في مختلف القضايا والأمور، ولا تعني المساواةُ في أمرٍ ما أنَّ هذا الحكم عادل؛ لذا يمكننا القول أنَّ الأصل هو العدل، وأنَّ المساواة تكون أحياناً صورةً من صوره.
وبناءً على ذلك فليستْ كلُّ دعوةٍ للمساواة تعني أنَّ الذي سيسود هو العدل، فمثلاً تكليف عدة أشخاص بأن يرفعوا ثقلاً بوزن ١٠٠كغم، (بالتساوي ومن دون تمييز بينهم)، فانّ ذلك يعدّ ظلماً لضعيف البُنية بينهم الذي لا يقوى على الحمل أو يقع في الشدة والحرج .
لذا فدعاوى مثل دعوى مساواة المرأة بالرجل تتضمن أمرين:
الأول : انتقاص المرأة؛ لأنَّ هذه الدعوى ترى أنَّ المرأة في منزلةٍ دُنيا ويجب الارتقاء بها إلى مستوى الرجل.
الثاني : المساواة تعني ظلماً للطرفين، فالأمور التي هي من قابليات الرجل فقط مثل الأمور البدنيَّة لايمكن أنْ تنافس المرأة فيها الرجل.
والأمور التي تخصُّ المرأة لايمكن للرجال القيام بها مع الاتفاق على وجود بعض القابليات المشتركة بينهما؛ لذا لم يرفع الإسلامُ شعار المساواة وإنما العدالة.
فمثلا ثواب الجهاد يحصل عليه الرجل بما يناسب قابليته وتتمثل في مشاركته بالحروب، بينما تحصل عليه المرأة في فترة حملها.
في أمالي الشيخ الطوسيِّ قال(ص): “يا أمَّ سلمة! إنّ المرأة إذا حملَت كان لها مِن الأجر كمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله عزّ وجل، فإذا وضعَت قيل لها: قد غفر لكِ ذنبكِ فاستأنفي العمل، فإذا أرضعَت فلها بكلّ رضعةٍ تحريرُ رقبةٍ من ولد إسماعيل”.
وهذا مثالٌ واحدٌ من أمثلةٍ عديدةٍ فتح بها الله تعالى أبواب جِنانه لكلٍّ من الرجل والمرأة بما يناسب بُنيته الفطرية.
لذا علينا أنْ لا ننساق خلف كلِّ دعوى مهما كانت برّاقة.
في تفسير الكاشف جاءت وافدة النّساء إلى رسول اللَّه (ص) فقالت : يا رسول اللَّه! أليس اللَّهُ ربّ الرجال والنّساء وأنت رسول اللَّه إليهم جميعاً ؟ فما بالنا يذكر اللَّهُ الرجال، ولا يذكرنا ؟ نخشى أنْ لا يكون فينا خير، ولا للَّه فينا حاجة.
فأنزل الله “ولَا تتمَنَّوْا ما فضّلَ اللَّهُ بهِ بَعضَكُم عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وللنِّساءِ نَصيبٌ ممَّا اكْتَسَبْنَ وَاسأَلُوا اللَّهَ منْ فضلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شيءٍ عَلِيماً” [النّساء:32].
#مجموعة_إكسير_الحكمة