هل تقدّم الدُّول يعني صلاحها؟! العبَّاسيّون مثالاً.
بعد التوسّع العسكريّ للدَّولة العبَّاسيّة أصبح لديها خزينٌ وافرٌ من الأموال؛ لذا كان الوضعُ الاقتصاديُّ في زمن هارون العبَّاسيِّ -على سبيل المثال -وضعاً جيداً.
ولكن ما هو المنهج القُرآنيُّ في تقويم الدُّول والجماعات؟
قال تعالى في سورة الفجر (أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي البلٰد …. ٱلَّذِينَ طَغَوۡاْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ فَأَكۡثَرُواْ فِيهَا ٱلۡفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ) [الفجر، الآيات 6-14]
فهل كان التقدُّم الذي كان عليه قومُ عاد معياراً لصلاحهم؟
جاء في تفسير الأمثل (وكان أهل عاد أقوياء البنية، طوال القامة؛ لذا كانوا يعتبرون من المقاتلين الأشدَّاء، هذا بالإضافة إلى ما كانوا يتمتَّعون به من تقدُّمٍ مدنيٍّ، وكانت مدُنُهم عامرةً وقصورُهُم عاليةً وأراضيهم يعمُّها الخضار). [الأمثل ج20 ص180]
ولذلك لنا أنْ نسألَ ما كان فسادهم؟
كان طغيانهم يتمثل في وثنّيتهم، ففي كتاب “كمال الدّين” عن الإمام الصادق (عليه السلام): “لما بعث الله -عزَّ وجلَّ- هودا أسلم له العقب من ولد سام، وأما الآخرون فقالوا:
مَنْ أشدُّ منا قوة؟! فأُهلِكُوا بالريح العقيم”.[كمال الدّين، الباب الثالث في غيبته – عليه السَّلام – الحديث رقم 5 ص136]
والآن هل يمكن لمن يقول إنَّ القرآن الكريم كتاب الله أنْ يمتدح هارون وسواه من السلاطين لأجل التقدُّم المدنيِّ؟ فهارون هذا هو الذي سجن خليفة الله ورسوله – صلى الله عليه وآله -عدَّة مراتٍ وانتهى به الأمر لقتله عليه السلام.
لذا على المسلمين جميعا أنْ يعيدوا النَّظر في قواعدِهم لتقييم التاريخ انطلاقاً من كتاب الله تعالى.
وفي الحاضر عبرة أيضاً، فكم من دولةٍ مسلمةٍ صُدِّرت للشعوب على أنَّها الأنموذج الأمثل لدُّول الإسلام، ونراها الآن تخدم الكيان الغاصب ضدَّ أبرياء فلسطين!!
ولا عجب، فهؤلاء مثالٌ لمن يقدّسونهم من شخصياتٍ تاريخيَّةٍ ودولٍ ماضية.
(تمر علينا ذكرى سجن الإمام الكاظم عليه السلام من قبل هارون العباسي).
#مجموعة_إكسير_الحكمة