بعدما وردت الكتب من أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (ع) بالمجيء إليهم، أرسل مسلماً (ع) سفيراً لهم لأخذ الكلمة منهم على ما ورد في كتبهم.
لماذا مسلم؟
ردَّ الإمام الحسين (ع) على كُتب أهل الكوفة بكتابٍ جاء فيه: (وإنِّي باعثٌ إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي)①
فالحكمة والشجاعة والتقوى جعلت مسلماً ينال مقام (أخي)، ومقام (ثقتي)، وهذا يدلُّ على عظمة منزلته، لدرجة أنَّه استحق أنْ يكون ثقة الإمام المعصوم.
① الإرشاد ج2 -ص39
في درجة الشهداء
ممَّا روي عن الإمام الحسين (ع) لمسلم حين أمره بالذهاب للكوفة: (إني موجِّهك إلى أهل الكوفة وهذه كتبهم إليَّ، وسيقضي الله من أمرك ما يُحبُّ ويرضى، وأنا أرجو أنْ أكونَ أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ على بركة الله حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها). ①
① الفتوح ج5 – ص31
مصاعب الطريق
خرج مسلم (ع) من المدينة إلى الكوفة بطريقٍ غير معروفٍ حتى لا يُعْرَفَ أمره، ولكن الدليلين أخطئا الطريق وماتا من التعب والعطش، وقبل موتهما أرشدا مسلماً ومن معه بطريق يُظنان أنَّ النَّجاة فيه، وقد وصل مسلم فعلاً لذلك الطريق وأكمل رحلته إلى الكوفة.
الوصول إلى الكوفة
قال الإمام الحسين (ع) لمسلم (ع) قبل سفره: (فامض على بركة الله حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها).①
ولمّا وصل مسلم في الخامس من شهر شوال نزل في دار المختار الثقفيّ، وقيل في دار مسلم بن عوسجة الأسدي.
①الفتوح ج5 – ص31
ذكرت بعض المصادر أنَّ المبايعين لمسلم كانوا ثمانية عشر ألفاً، وبعضها خمسة وعشرين ألفاً وغيرها من الأقوال، وكانت الكوفة خليطاً من المذاهب، وفيهم من لا يعتقد بإمامة الإمام الحسين (ع) بل يكتفي بكونه رجلاً صالحاً وحفيد رسول الله (ص).
سمعة عبيد الله بن زياد السيئة وقسوته سبقته إلى أهل الكوفة، فعندما وصل تغيّر الحال وهدَّدهم إذا تابعوا مسلم بن عقيل.
وأخذ العرفاء والناس أخذاً شديداً (والعرفاء: هم مسؤولو المناطق)، وسألهم عن أحوال الناس وقال: (فمن كَتَبَهُم لنا فبرئ، ومن لم يكتب لنا أحداً، فيضمن لنا ما في عرافته ألَّا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغي علينا منهم باغٍ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة، وحلال لنا ماله وسفك دمه).①
بهذا سيطر عليهم، وخدع بعضهم، وجعل الآخرين خائفين متخاذلين.
① تاريخ الطبري ج4 – ص267
وكان خروج مسلم بن عقيل (ع) بالكوفة يوم
الثلاثاء لثمانٍ مضين من ذي الحجة سنة ستين [الإرشاد ج2ص66]
وبعدما تمكّن عبيد الله من اعتقال هانئ بن عروة (رض) خرج مسلم بن عقيل (ع) بالآلاف من المقاتلين لنصرة هاني، ولم يستطع، وتم قتل هاني قتلةً بشعة، ثم قُتِلَ مسلم بن عقيل وأُلقي من على سطح دار الإمارة.
ثم قام ابن زياد بملاحقة وسجن كبار الشيعة، فأحكم قبضته على الكوفة ومنعهم من نصرة الإمام الحسين (ع).
#مجموعة_إكسير_الحكمة