كيف نوفّق بين البراءة من أعداء أهل البيت ولعنهم وبين التقية وعدم إثارة الفتنة؟!

الأخت الفاضة “أم محسن الصائغ” تسأل عن التوفيق بين لعن أعداء أهل البيت (ع) والبراءة منهم، والتقيَّة وعدم إثارة الفتنة
وهو سؤالٌ مهمٌ وجديرٌ بالتوضيح.

أولاً: ما هو مفهوم اللَّعن؟
وثانياً: ما هو مفهوم البراءة من أعداء أهل البيت (ع)؟
وثالثاً: ما هو مفهوم التقيَّة؟
ورابعاً: ما هو مفهوم التعايش؟
وخامساً: كيف نوفق للجمع بين التكليف الشرعي باللعن والبراءة، والتكليف الشرعي بالتقيَّة والتعايش؟

– اللَّعن: هو الطرد من رحمة الله تعالى، وهو خُلُقٌ قرآنيٌّ ربَّانيٌّ نبويٌّ، وفي القرآن الكريم في آيةٍ منه تبيّن أنَّ الله تعالى يلعن، والملائكة، والنَّاس أجمعين {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. [البقرة 161]
والنبيَّان عيسى وداوود ممن جاءا باللَّعن { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة 78]
والروايات كثيرة عن النبيّ (ص) وأهل البيت (ع) في جواز اللّعن.
– والبراءة من أعداء أهل البيت (ع): هي عدم توليهم ومحبتهم وطاعتهم، والإنكار عليهم والتبرّي منهم ومن أفعالهم التي ظلموا بها أهل البيت (ع) وتعدوا على حقوقهم ومنازلهم.
– والتقيَّة: كتمان الحقّ بعد الإيمان به، وهي عكس النفاق الذي هو إظهار الباطل وكتمان الحق، وفي الرواية ” تارك التقية كافر” [فقه الإمام الرضا ص338]
– ومفهوم التعايش: أن يعيش المسلمون جميعاً عيشاً سلميَّاً دون أن يفرض أحد الطرفين اعتقاداته على الآخر بالقوة، ولكلِّ طرفٍ الحق في ممارسة شعائره دون أيَّة مضايقة.

– التوفيق بين اللعن والبراءة وبين التعايش السلمي:
واللعن عبادة كأيَّة عبادةٍ أخرى تخضع للأحكام التكليفيَّة الخمسة، والحكم الأوليُّ لها هو الاستحباب، نعم لا يجوز اللعن جهاراً علناً بحيث يسبب الفتنة والاساءة إلى المؤمنين ولا سيما المستضعفين منهم، ويمكن للمؤمن أنْ يمارس بعض العبادات سرَّاً ـ تقيةً ـ بحيث لا يسبّب إساءةً للمؤمنين وزعزعةً للسّلم المجتمعيّ.
وأما البراءة فهي واجبة شرعاً كالولاية لأهل البيت (ع)، ولا يصح الإجهار بها أمام غير الإمامي إذا كان يسبب ظرراً على الإنسان نفسه أو على بقية المؤمنين، بل لا بدّ من التقية في هذا الحال. وبذلك نوفّق بين لعن أعداء أهل البيت والبراءة منهم من جهة، والتقية والتعايش السلمي من جهة أخرى.

#مجموعة_إكسير_الحكمة