قِراءةٌ في النَّماذج العَملِيَّة
هل عبادة الله تعالى، والتقرّب إليه، والإخلاص له، لا تكون إلَّا عبر التصوف وأفعال الصوفيَّة؟
هكذا يوحي بعض الناس بتعليمهم الشباب طرقًا وطقوسًا وكلماتٍ غريبةً بدعوى الانقطاع إلى الله، وعشقه، وعبادته!!
إحدى التحدّيات التي واجهها الإمام الصادق (ع) كانت محاربة التصوف، والنَّهي عن الانقياد لأهله واتّباع طرقهم.
فقد سأل رجلٌ الإمام الصادق (ع):
«قد خرج في هذا الزمان قوم يُقال لهم الصوفيَّة، فما تقول فيهم؟»
فقال (ع):
«إنهم أعداؤنا، فمن مال إليهم فهو منهم، ويُحشر معهم، وسيكون أقوامٌ يدّعون حبَّنا، ويميلون إليهم، ويتشبهون بهم، ويُلقّبون أنفسهم بلقبهم، ويؤولون أقوالهم.
ألا فمن مال إليهم فليس منّا، وإنّا منه براء، ومن أنكرهم وردّ عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول الله (ص)»
[مستدرك الوسائل ج12 ص323]
فلماذا يأتي اليوم بعض الناس ليقدّموا الدين والعبادة بطرقهم، ويستشهدوا بعباراتهم وأقوالهم؟
لماذا لا ننظر إلى عبادة الإمام الصادق (ع) وآبائه وأجداده (ع)؟
هل كانت قاصرةً حتى نأخذ من هنا وهناك؟
ماذا أنتجت عبادة الإمام الصادق(ع) ؟ وماذا أنتجت عبادة غيره؟
فلننظر إلى أصحاب الإمام، كيف كانوا في قمَّة الورع والعلم والعبادة، وقد تربّوا على يديه، بطريقةٍ سليمةٍ نقية.
قال أبان بن تغلب:
«كنتُ مع أبي عبد الله (ع) مزاملةً فيما بين مكَّة والمدينة، فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل، وأخذ نعليه بيديه، ثم دخل الحرم حافيًا، فصنعتُ مثل ما صنع.
فقال: يا أبان! من صنع مثل ما رأيتني صنعتُ تواضعًا لله، محا الله عنه مئة ألف سيئةٍ، وكتب له مئة ألف حسنةٍ، وبنى الله (عزَّ وجلَّ) له مئة ألف درجةٍ، وقضى له مئة ألف حاجة»
[المحاسن ج1 ص67]
وروي في البحار أنَّ مولانا الصادق (ع) كان يتلو القرآن في صلاته، فغُشي عليه.
فلما أفاق، سُئل: ما الذي أوجب ما انتهت حاله إليه؟
فقال: «ما زلتُ أكرّر آيات القرآن، حتى بلغت إلى حالٍ كأنّي أسمعها مشافهةً ممن أُنزِلت عليه».
#مجموعة_إكسير_الحكمة